السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، لدي أسئلة كثير حول الجنابة:
س1 إذا استمنيت في النوم، فهل أعتبر جنباً ويجب علي الغسل؟
س2 هل الغسل هو تعميم كافة الجسد؟ أم غسل الأعضاء التناسلية فقط ؟
س3 استيقظت لصلاة الفجر وأريد أن ألحق بصلاة الجماعة في المسجد، فجئت لأتوضأ فوجدت نفسي مستمنياً، فهل أدع الصلاة تفوتني لأغتسل؟
س4 أنا شاب في عمر المراهقة وكثير الشهوة، ولا أمارس الاستمناء، فلهذا دائماً ما تكون لدي طاقة لا اعلم أين أستنفذها، فالاستمناء حرام ولست متزوجاً، فالحديث في مثل هذا الموضوع يولد الإثارة، فمثلا عند كتابتي لهذه الأسئلة خرج مني شيء طفيف جداً من المني، فهل يوجب الغسل؟
س5أنا طالب، وكنت في امتحان فنفذ الوقت قبل أن أكمل إجابة الأسئلة، فمن هذا الموقف استمنيت بغير إرادة مني، فما حكم هذا؟ وبارك الله فيك يا شيخ.
الجواب
جواب السؤال الأول:
أولاً: هذا يُسمَّى احتلاماً، وليس استمناء؛ لأن الاستمناء هو إخراج المنيِّ بفعل الإنسان وإرادته، ولاشك أنَّ النائم يخرج منه المني دون إرادة، فيسمى احتلاماً.
والواجب على من احتلمَ فخرج منه منيٌّ أن يغتسل غسل الجنابة، أمَّا إذا احتلم ثم لم يخرج منه شيء فلا شيء عليه. روى مسلم أنَّ أم سليم رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله إنَّ الله لا يستحيى من الحق، فهل على المرأة من غُسْل إذا احتلمت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم إذا رأت الماء". وفي رواية: قالت: يا رسول الله، المرأة ترى ما يرى الرجلُ في المنام، فتَرى من نفسها ما يرى الرجل من نفسه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "نعم فلتغتسل يا أم سليم إذا رأت ذاك".
قال النووي في شرح مسلم: "اعلم أنَّ المرأة إذا خرج منها المنيُّ وجب عليها الغسل كما يجب على الرجل بخروجه، وقد أجمع المسلمون على وجوب الغسل على الرجل والمرأة بخروج المني، أو إيلاج الذكر في الفرج" إلى أن قال: "ثم إنَّ المراد بخروج المنيِّ أن يخرج إلى الظاهر، أمَّا ما لم يخرج فلا يجب الغسل، وذلك بأن يَرى النائم أنه يجامع وأنه قد أنزل، ثم يستيقظ فلا يرى شيئاً، فلا غُسْل عليه بإجماع المسلمين. وكذا لو اضطرب بدنه لمبادئ خروج المني فلم يَخرج، وكذا لو نزل المني إلى أصل الذكر ثم لم يخرج فلا غسل".
جواب السؤال الثاني:
المراد بالغُسْل من الجنابة: تعميم كافة الجسد بالغَسل بالماء، وهذا هو القدر المجزئ. أمَّا الصفة الكاملة فقد ورد في بيانها عدة أحاديث، منها: حديث عائشة رضي الله عنها في الصحيحين قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة، يبدأ فيغسل يديه، ثم يفرغ بيمينه على شماله فيغسل فرجه، ثم يتوضأ وضوءه للصلاة، ثم يأخذ الماء فيدخل أصابعه في أصول الشعر، حتى إذا رأى أن قد استبرأ حفن على رأسه ثلاث حفنات، ثم أفاض على سائر جسده، ثم غسل رجليه".
جواب السؤال الثالث:
الواجب على الجنب أن يغتسل للصلاة، ولا تصح صلاته بغير اغتسال مادام واجداً للماء قادراً على استعماله، قال الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ وَلَا جُنُبًا إِلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا﴾ [النساء:43].
وعليه، فالواجب على من استيقظ من النوم فوجد نفسه جنباً أن يغتسل وإن خشي فوات صلاة الجماعة في المسجد، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، وإنَّما خلافهم فيمن خَشي إن اغتسل خروج الوقت. فذهب الجمهور -وهو الصحيح- إلى أنه يلزمه الاغتسال؛ لأنه معذور بنومه، والوقت في حقِّه هو وقت استيقاظه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا رقد أحدكم عن الصلاة، أو غفل عنها، فليصلها إذا ذكرها، فإن الله يقول: ﴿أقم الصلاة لذكرى﴾" متفق عليه واللفظ لمسلم. واختلف مذهب المالكية على قولين، فقيل: يتيمم ويصلي -وهو المشهور، ورجَّحه غير واحد منهم- وقيل: بل يغتسل ثم يصلي. قال الشيخ خليل: "وهل إنْ خاف فواته باستعماله خلاف" قال الخرشي في شرحه:"أي وهل يتيمم المحدث ولو أكبر الواجد للماء بين يديه، القادر على استعماله، إذا خاف فوات الوقت الذي هو فيه باستعماله، وإن تيمم أدركه؟ وهو الذي رواه الأبهري واختاره التونسي وصوبه ابن يونس وشهره ابن الحاجب، وأقامه اللخمي وعياض من المدونة. أو يتوضأ ولو فاته الوقت، وحكى عبد الحق عن بعض الشيوخ الاتفاق عليه، فلا أقل من أن يكون مشهوراً، فلذا قال خلاف".
جواب السؤال الرابع:
على من يجد في نفسه طاقة وشهوة أن يكسرها بالصيام، كما في الحديث المخرج في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فلعيه بالصوم فإنه له وجاء". كما عليه أن يُشغل نفسه بأي نشاط مفيد، يتلهى به عن هذا حتى ييسر الله له أمر الزواج.
جواب السؤال الخامس:
خروج المنيِّ دون شهوة، إمَّا لحصول اضطراب أو خوف أو نحوهما، فلا يجب فيه الاغتسال؛ وإنَّما يجب الغسل إذا كان خروجه عن شهوة. قال الشيخ الدردير في الشرح الصغير: "(لا) إن خرج يقظة (بلا لذة)، بل سلساً أو بضربة، أو طربة، أو لدغة عقرب، فلا غسل".
والله أعلم.