ما حكم عدم قراءة الفاتحة للمأموم في الصلاة الجهرية؟
الجواب
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد؛
فإنَّ هذه المسألة من المسائل الخلافية المشهورة، وقد اختلف فيها أهل العلم على أقوال، لخَّصها ابن رشد في بداية المجتهد، فقال: "اختلفوا في ذلك على ثلاثة أقوال؛ أحدها: أنَّ المأموم يقرأ مع الإمام فيما أسر فيه، ولا يقرأ معه فيما جهر به. والثاني: أنه لا يقرأ معه أصلاً. والثالث: أنَّه يقرأ فيما أسر أمَّ الكتاب وغيرها، وفيمَا جهر أمَّ الكتاب فقط. وبعضهم فرق في الجهر بين أن يسمع قراءة الإمام أو لا يسمع، فأوجب عليه القراءة إذا لم يسمع، ونهاه عنها إذا سمع. وبالأول قال مالك، إلاَّ أنه يستحسن له القراءة فيما أسر فيه الإمام. وبالثاني قال أبو حنيفة. وبالثالث قال الشافعي. والتفرقة بين أن يسمع، أو لا يسمع هو قول أحمد بن حنبل".
والذي يظهر -والله أعلم- أنَّ الراجح من هذه الأقوال هو قول الإمام الشافعي؛ لقول الله تعالى: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون} [الأعراف:204]. ويستثنى من هذا قراءة الفاتحة، فإنها تلزم المصلي ولو كان مأموماً في صلاة جهرية؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن" متفق عليه. ولما رواه عبادة بن الصامت قال: "أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في صلاة الصبح، فثقلت عليه القراءة، فلما فرغ قال: لعلكم تقرأون وراء إمامكم؟، قلنا: نعم هذاً يا رسول الله. قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها. " رواه أبو داود والترمذي والدارقطني وحسناه، وقال الخطابي: إسناده جيد لا مطعن فيه.
وعليه، فإذا ترك المأموم قراءة الفاتحة عمداً، بطلت صلاته. أمَّا إذا تركها ناسياً أو جاهلاً صحَّـت صلاته؛ مراعاة للخلاف والله أعلم.